خلفية

شهد اليمن في السنوات الماضية أحداثاً غير مسبوقة أدت إلى عملية انتقالية عبر خارطة طريق واضحة للتغيير السلمي
 

 

حرب أهلية وشيكة واتفاق نقل السلطة 

تيسّر الأمم المتحدة العملية الانتقالية في اليمن عبر المساعي الحميدة للأمين العام، ممثلة بمساعده ومستشاره الخاص جمال بنعمر، منذ نيسان (أبريل) 2011. حينها كانت البلاد على شفير حرب أهلية، وأدى الاقتتال إلى مقتل وجرح المئات، ونزل اليمنيات واليمنيون إلى الساحات مطالبين الرئيس علي عبدالله صالح بالتنحي.

 

تولى بنعمر مهامه للمساعدة على تمهيد الطريق لعملية انتقالية سلمية تلبي تطلعات اليمنيين نحو تغيير ديموقراطي. وجاء ذلك وسط استمرار التعثر السياسي نتيجة رفض الرئيس صالح توقيع مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. لكن مفاوضات مباشرة بين الحزب الحاكم والمعارضة، بتيسير من بنعمر، انتهت بتوقيع اتفاق نقل السلطة في الرياض في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. شكل الاتفاق خارطة طريق للعملية الانتقالية، وضمن لأول مرة مشاركة واسعة لمختلف الأطراف، بما فيها النساء والشباب، في العملية السياسية.

 

انتخابات رئاسية وحوار وطني

مثل 21 شباط (فبراير) 2012 محطة مهمة، حيث نقلت السلطة إلى نائب الرئيس عبدربه منصور هادي إثر انتخابات رئاسية جرت في مناخ سلمي وشهدت إقبالاً كثيفاً. تلا ذلك تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة محمد سالم باسندوة. وبدأت تحضيرات لإجراء حوار وطني شامل استمرت ستة أشهر. عملت خلالها لجنة فنية، مكونة من مختلف الأطراف السياسية وممثلين عن النساء والشباب، على وضع هيكلية مؤتمر الحوار وتنظيمه ونظامه الداخلي. وذلك وسط مناخ توافقي وبدعم من المستشار الخاص، الذي وضع وفريقه برنامجاً متكاملاً لدعم عملية الحوار الوطني، بما فيه تأسيس أمانة عامة وتوفير الخبرات الفنية.

 

شهد اليمن في 18 آذار (مارس) 2013 انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي ضم 565 عضواً يمثلون جميع المكونات. وطيلة عشرة أشهر، ناقش المؤتمرون قضايا عدة، منها النزاع في الشمال والقضية الجنوبية والإصلاح السياسي والأمني وشكل الدولة والحوكمة والحقوق والحريات والعدالة الانتقالية. واختتم الحوار أعماله في 25 كانون الثاني (يناير) 2014 بنجاح ترددت أصداؤه في المنطقة العربية والعالم. حيث أصدر وثيقة مخرجات واعدة، وضعت أسس يمن جديد يشكل قطيعة كاملة مع ماضي النزاعات والصراعات، ويرسي ركائز دولة ديموقراطية اتحادية مبنية على مبدأ سيادة القانون والمواطنة المتساوية. ويتضمن ذلك ضمان تمثيل النساء بنسبة 30 في المئة في جميع مراكز السلطة، رغم أن اليمن أحد أكثر المجتمعات محافظة في المنطقة. وفي آذار (مارس) 2014، بدأت لجنة صياغة الدستور رسمياً عملية وضع دستور جديد بناء على وثيقة المخرجات. ويخضع عمل هذه اللجنة إلى رقابة هيئة وطنية تمثل فيها جميع الفعاليات السياسية. ومن المقرر أن يلي وضع الدستور استفتاء وانتخابات عامة. 
 

دعم مجلس الأمن

 

يقود بنعمر جهود الأمم المتحدة لدعم العملية الانتقالية عبر زيارات متكررة إلى اليمن ودول أخرى في المنطقة وخارجها. وأسّس مكتباً في صنعاء منتصف 2012 لتوفير دعم دائم عبر التيسير السياسي والمساعدة الفنية ومبادرات التواصل والتوعية. ويواكب مجلس الأمن بدوره الوضع عن كثب، متحدثاً بصوت واحد دعماً للعملية الانتقالية. وقد تبنى ثلاثة قرارات بالإجماع: 
- القرار رقم 2014 (عام 2011) دعا فيه إلى تسوية سياسية مبنية على المبادرة الخليجية وطلب من أمين عام الأمم المتحدة مواصلة المساعي الحميدة؛
- القرار رقم 2051 (عام 2012) الذي شدد على الحاجة إلى تنفيذ شامل وسريع لاتفاق نقل السلطة ولوح بفرض عقوبات؛
- القرار رقم 2041 (عام 2014) الذي جاء دعماً لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني واستكمال عملية نقل السلطة، ووضع نظام عقوبات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. 

وزار أعضاء مجلس الأمن صنعاء في كانون الثاني (يناير) 2013، عقب زيارة قام بها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012.

 
التحديات
رغم الدعم الدولي الكبير، لا يزال اليمن يواجه تحديات جمة، بدءاً باضطرابات في الشمال والجنوب، مروراً بتهديد تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" والجماعات المسلحة، وعمليات اغتيال تستهدف قادة عسكريين وسياسيين، وهجمات منظمة على البنى التحتية وعرقلة ممنهجة، وصولاً إلى تردي الوضعين الاقتصادي والإنساني. ويعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي وعدم إمكان الحصول على مياه نظيفة وخدمات أساسية. ويعاني ربع مليون طفل سوء تغذية.

 

لكن العملية الانتقالية تمضي قدماً، وتبقى الأكثر فرادة من بين دول الربيع العربي وفي الشرق الأوسط. فاليمن ثاني أكثر بلدان العالم انتشاراً للأسلحة بعد الولايات المتحدة، وتركيبته الاجتماعية هي الأكثر قبلية في المنطقة، وهو أفقر دولها. ورغم ذلك، شهد عملية تفاوضية وفق خارطة طريق واضحة وشاملة للتغيير السلمي هي الوحيدة والأكثر تشاركية في دول الربيع العربي. وسوف تواصل الأمم المتحدة دعم هذه العملية بتعاون وثيق مع اليمنيين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والشركاء الدوليين.